أمضى يسوع الليل بطوله في حالة صراع مرير، وكان قد أمضى الصباح في دار قيافا، واستُدعي بعد ذلك إلى بيلاطس الوالي، وأُخذ بعدها إلى هيرودس، حيث أُعيد بعدها إلى بيلاطس. لذلك، تضاءلت قواه، علاوة على عدم السماح له لالتقاط أنفاسه أو للراحة أو تناول جرعة ماء. كانوا متلهّفين لسفك دمه، ولذلك ساقوه خارجًا لمصيره القاتم، حاملًا صليبه. يا له من موكب حزين! حسنًا بكت عليه بنات أورشليم. وأنت يا نفسي هل ستنوحين عليه أيضًا.
وماذا نتعلّم هنا عند رؤية سيدنا المبارك وهو يُساق ليُسلّم إلى أياديهم؟ ألا ندرك الحقيقة التي أُعدّت لنشبّهه بكبش الفداء؟ ألم يأتِ رئيس الكهنة بكبش الفداء واضعًا يديه الاثنتين على رأس الكبش، معترفًا بخطايا الشعب، محمِلًّا الكبش هذه الخطايا كلّها، لتبرّئ الشعب منها؟ ثم يُساق الكبش إلى البرّية، حاملًا خطايا العالم بعيدًا، بحيث إذا أرادوا البحث عنها لن يجدوها. ونرى الآن يسوع يُحضر أمام الرؤساء والكهنة، الذين حكموا بإدانته. والله نفسه نسب خطايانا إليه «لقد وضع الرب عليه إثم جميعنا»، «لقد صار خطية لأجلنا»، وكبديل عنّا، حمل ذنوبنا على كتفيه، التي يرمز إليها بالصليب، ونرى كبش الفداء يُساق بعيدًا بيد الجنود المسؤولين عن تحقيق العدالة. أيها القارئ الحبيب، هل أنت متأكّد أنه حمل خطاياك أنت أيضًا؟ وعندما تنظر إليه مسمّرًا على الصليب، فهل هذا المشهد يمثّل خطاياك. هناك طريقة واحدة للتأكد أنه حمل خطاياك، فهل وضعت يدك على رأسه، واعترفت له بخطاياك، وآمنت به؟ عندها تكون خطاياك قد غُفرت لأنها انتقلت جميعها ونُسبت إلى المسيح المبارك، وناء تحت وطأتها وعانى منها أكثر ممّا عانى من حمل الصليب.
لا تدع هذه الصورة تتلاشى من ذاكرتك إلى أن تفرح بخلاصك الشخصي، وتعبد مخلّصك المحبّ الذي وُضع عليه كلّ اثمك.