لماذا يسمح الله للكثير من أولاده أن يكونوا فقراء، يستطيع أن يجعل منهم أغنياء جميعًا لو أراد، يمكنه أن يضع أكياسًا من ذهب على أبوابهم، ويؤمّن لهم دخلًا سنويّا مريحًا، كما يمكنه أن ينثر حول مساكنهم مؤنًا وفيرة، كما سبق وفعل مع شعبه في البريّة، حيث أرسل لهم طيور السلوى بكميات كبيرة، وأمطرهم خبزًا من السماء لإشباعهم. لم يشأ أن يكون أولاده فقراء، ما لم يكن ذلك لمصلحتهم. «المواشي على آلاف التلال هي له»، يستطيع أن يقدّمها، يستطيع أن يضع كل ما يملك جميع الأغنياء والعظماء والأقوياء عند أقدام أولاده، لأن قلوب الجميع تخضع لسيطرته. يبد أنه لم يشأ ذلك بل سمح أن يعانوا من الاحتياج من الهزال والبؤس والظلمة. ولكن لماذا سمع بذلك؟ هناك أسباب كثيرة، أحدها إعطاءنا فرصة لإظهار محبتنا ليسوع، لأنها تظهر حينما نرنّم له ونصلّي. ولكن لو لم يكن هناك أولاد محتاجون في العالم، لكنّا فقدنا امتيازنا العذب لإثبات محبتّنا، وفرصة التصدّق والعطاء لإخواننا الفقراء. فهو قد قصد وعيّن ذلك لكي نثبت أن محبتنا له ليست بالكلام فقط بل بالعمل والحقّ. إن كنا نحبّ يسوع بصدقٍ، فعلينا الاهتمام بهؤلاء الذين أحبّهم. ومن هم أعزّاء على قلبه، هم أعزّاء على قلوبنا أيضًا. ولنسرع إلى تلبية احتياجات فقراء قطيع الرب كامتياز وليس كواجب، متذكّرين ما قاله الرب يسوع، «بما أنكم فعلتموه لأحد إخوتي الأصاغر فبي فعلتم». بالطبع، إن تأكيد يسوع هذا عذب ما فيه الكفاية، وفي هذا الدافع ما يكفي من القوّة ليحثّنا على مساعدة الآخرين بيد سخيّة وقلب محّب، متذكّرين أن كلّ ما نفعل من أجل شعب الرب، سيكون مقبولًا من لطف محبّته وكأنما صُنع من أجله.