كان الإسرائيليون في البرّية معرضّين للترحال المستمر. وحيثما كان العمود يتوقف، كانت تُنصب الخيام، وفي الغداة قبل شروق الشمس، يُبوّق بالبوق، فيتحرّك تابوت العهد، ويتقدّمهم عامود السحاب الملتهب عبر الطريق الجبلية الضيّقة، المؤدّية إلى التلال العالية، أو عبر البراري الموحشة. لم يكن لديهم ما يكفي من الوقت للراحة، إلى أن يسمعوا الصوت ثانية «هلمّ نرحل بعيدًا! ليس من مكان للراحة هنا. يتعيّن عليك أن تتابع رحلتك نحو كنعان!» لم يبقوا في مكان واحد طويلًا، ولم تجتذبهم آبار المياه أو أشجار النخيل. كان مسكنهم ملاصقًا لربهم في نهاية المطاف. وكان عامود سحابته يظلّلهم، وناره تدفئ خيامهم ليلًا. كان عليهم المضي قدمًا من مكان إلى آخر، متنقّلين باستمرار، ولم يُتح لهم أبدًا وقت للاستقرار، أو حتى القول، «نحن الآن بأمان، سنقيم في هذا المكان.» علاوة على ذلك» قال موسى «رغم أننا ننتقّل دائمًا، فأنت يا رب مسكننا من جيل إلى جيل». يعلم المؤمن أن الله لا يتغيّر. أمّا الاحتمالات الأخرى فستكون شقاءً. قد يكون المؤمن غنيًّا اليوم وفقيرًا غدًا، وقد يكون مريضًا اليوم وبكامل صحّته غدًا، وقد يكون سعيدًا اليوم ومحبطًا غدًا، بيد أن علاقته مع الرب هي هي، لن تتغيّر. إن أحبّني بالأمس فهو سيحبني اليوم أيضًا. وإلهي المبارك هو مسكني المريح الذي لا يتغيّر. لتبدّد الآمال، وليتلاشى الرجاء، وليذبل الفرح، وليفسِد العفن كلّ شيء. لكن لن أفقد شيئًا ممّا أمتلكه في الله. فهو «مسكني المتين حيث أستطيع اللجوء إليه على الدوام». أنا سائح في هذا العالم، ولكن مسكني هو مع الله. أنا تائه في هذا العالم، ولكنني أسكن في بيت هادئ مع الله.