إنّ إحدى أكثر معجزات المخلِّص تأثيراً وتعليمًا لنا هي موضوع تأملنا هذا المساء. كانت المرأة جاهلة جدًّا. إذ تصوّرت أنّ الرحمة خرجت من المسيح بدافع من قانون الحاجة، دون علمه أو إرادته المباشرة. علاوة على ذلك، فقد كانت غريبة عن طبع شخصيّة يسوع الكريمة، وإلّا لم تكن لتتخفّى وراءه لسرقة العلاج الذي كان مستعدًّا لتقديمه لها عن طيب خاطر. يجب أن يوضع البؤس دائمًا مقابل وجه الرحمة. فلو عرفت المحبّة التي في قلب يسوع، لكانت قالت، «لا بدّ لي من أن أضع نفسي في مكان يُتاح له رؤيتي، فعلمه المطلق سيُعلِمه بحالي، وستعمل محبّته على علاجي في الحال». نحن معجبون بإيمانها، لكننا نتعجّب من جهلها. فبعد أن نالت العلاج، ابتهجت مرتجفة، وفرحت لأن الرحمة الإلهية تعاملت معها بطريقة عجائبية. لكنها خافت أن يتراجع المسيح عن منحها بركته، ويتعامل معها سلبيًّا برفضه منحها نعمته، كانت لا تعرف سوى القليل عن ملء محبّة يسوع! ونحن ليس لدينا وجهة نظر واضحة عنه كما كنّا نتمنّى، لأنّنا لم نكن نعرف ما هو عمق وعلوّ محبّته. لكننا نعلم علم اليقين أن يسوع صالح بما فيه الكفاية، كيلا يسترجع من نفس مرتجفة الهدية التي استطاعت هذه المرأة الحصول عليها. ولكن هنا تكمن المعجزة، فإيمانها كان قليلًا كمعرفتها، لكنّه كان إيمانًا حقيقيًّا، لذلك أنقذها في الحال. ولم يكن هناك انتظار ممّل، بل كانت معجزة الإيمان فورية. فإن كان لدينا إيمان كحبة الخردل، لكان الخلاص هو ملكنا الحالي والأبديّ. وإن وُصفنا في قائمة أولاد الرب كالأضعف بين أبناء العائلة، رغم ذلك، وبصفتنا ورثة بالإيمان، فلا تستطيع قوّة، بشريّة كانت أم شيطانيّة، أن تنتزع منّا هذا الخلاص. وإن لم نجرؤ أن نتكئ على صدر يسوع مع يوحنّا، وإن استطعنا أن نغامر ونلمس طرف ثوبه من ورائه، فإنّنا سنخلص. تشجّع أيها الخجول! فإيمانك قد خلّصك. اذهب بسلام. «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ».