لست أنت صانعًا صليبك، رغم أن عدم الإيمان هو نجّار معلّم في صنع الصلبان، وغير مسموح لك باختيار صليبك، فبالرّغم من أن إرادتك ستسعد لتكون سيّدًا ومعلّمًا، لكن صليبك مهيأ لك سلفًا وقد أعدتّه لك المحبّة الإلهيّة، وأنت مدعوٌّ لتقبّله بفرح. فعليك أن تحمل الصليب كسمة مميّزة بك وبحملك، كما أنّ المطلوب منك ألّا تعترض عليه. ففي هذه الليلة، سيطلب منك يسوع أن تُخضع كتفك لنيره السهل. لا تقاومه بفظاظة، أو تدوسه من أجل مجد باطل، أو تتهاوى تحت وطأة نيره بيأس، أو تهرب منه خوفًا، بل تقبّله كتلميذ حقيقيّ ليسوع. كان يسوع حاملًا صليبه. وهو السابق والمرشد في درب الحزن. وبالتأكيد لم تكن لترغب بمرشد أفضل منه! فإن كان يحمل صليبًا، فما هو العبء الأنبل الذي كنت تريده؟ إن طريق الصليب هو طريق الأمان. لا تخَفْ أن تطأ سبله الشائكة.
أيها المحبوب، إنّ الصليب ليس مصنوعًا من ريش، أو مبطّنًا بمخمل، فهو ثقيل ويتسبّب بتسلّخ أكتاف العُصاة، كما أنّه ليس صليبًا مصنوعًا من حديد، فحتّى لو كانت مخاوفك قد رسمته لك بألوان حديدية، فهو صليب خشبي، ويمكن للرجل أن يحمله، لأن رجل الأوجاع قد جرب حمله قبلك. احمِل صليبك، وبقوة روح الله ستحبّه قريبًا لدرجة تجعلك مثل موسى ولن ترضى باستبدال عار المسيح بجميع خزائن مصر. تذكر أن يسوع قد حمله، وستكون رائحته طيبة. تذكر أن ما سيتبعه قريباً هو التاج، وأن التفكير في ثقل المجد الآتي سيخفّف كثيرًا من ثقل المتاعب الحالية. ليساعدك الربّ كي تنحني روحك، خاضعًا للمشيئة الإلهية قبل أن تنام هذه الليلة، بحيث عندما تستيقظ مع شمس الغد، ستتمكّن من الخروج ومن حمل أعباء صليب يوم جديد، بروح الخضوع والقداسة التي ستجعلك من أتباع المصلوب